حجية الشهادة في الفكر الإجرائي الإسلامي
بعد أن درسنا شروط صحة الشهادة - في النظام الإجرائي الإسلامي - سواء فيما يتعلق بالشروط الواجب توافرها في الشاهد ، أم تلك التي يتعين أن يتوافر في ذات الشهادة ويبقي أن نتساءل عما إذا كان توافر هذه الشروط يلزم القاضي أن يحكم بموجبها ولو خالف ذلك اقتناعه أم من سلطاته أن يرد هذه الشهادة في هذه الحالة ؟
يري البعض أن الشهادة المستوفية لشروطها تظهر الحق توجب علي القاضي أن يحكم بموجبها ولو خالفت اقتناعه ، فإن امتنع آثم لتركها لغرض واستحق العزل لارتكابه ما لا يجوز شرعاً ، وذلك لأن الشهادة عند استكمالها للشروط التي نص عليها الفقهاء تكون مثبته للحق المتنازع عليه والقاضي مأمور بالحكم بالحق.
أما وفقاً للرأي الذي أخنا به ورجحناه فيما يتعلق بمبدأ حرية القاضي في الاقتناع في النظام الإجرائي الإسلامي فإنه يجز للقاضي أن يرد شهادة الشهود – المستوفية للشروط – إذا لم يقتنع بشهادتهم وذلك لأن الشهادة ليست إلا طريقاً موصلاً إلي الحق الذي يجب قصده والعمل علي الوصول إليه عن يقين واقتناع.
وقد جاء في القرآن الكريم : " وإن حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".
وليس في الحكم بشهادة مشكوك في صدقها ما يتفق والعدل المأمور به في هذه الآية.
وعلي ذلك فإن قيام الدليل بشروطه كما حددها الفقهاء لا يلزم القاضي بتوقيع العقوبة إلا إذا اقتنع بصدق الدليل.