تعريف العقوبة وعناصرها |
تعريف العقوبة
للعقوبة تعريفان، أحدهما قانوني، والآخر في علم العقاب .
والتعريف القانوني للعقوبة، هو ذلك الجزاء الذي يقرره القانون القاضي علي من تثبت مسئوليته عن الجريمة، متمثلاً في الانتقاص من بعض حقوقه.
ففي علم العقاب تعرف العقوبة بأنها (ايلام مقصود يوقع من أجل الجريمة ويتناسب معها).
عناصر العقوبة
أولاً : الايلام المقصود
تتميز العقوبة بأنها ألم أو ضرر يصيب الانسان، وذلك لان الانسان مقداراً من الاختيار يتصرف علي أساسه، فأما ان يتجه نحو الخير أو ينحو نحو الشر بناء عليه، من ثم يتعين ان تشتمل العقوبة علي معني الالم والضرر لمنع المجرم من الاضرار بالغير، والحيلولة دون سلوك خيار الناس سبيل الاجرام.
ويقصد بالإيلام المساس بحق لمن توقع عليه العقوبة، وقد يتمثل هذا المساس في حرمان المحكوم عليه من التمتع بهذا الحق كلية أو جزئياً، أو فرض قيود علي استعماله، مع ملاحظة انه لا يقصد بالإيلام اثارة مشاعر المحكوم عليه واذلاله أو تحقيره واحساسه بالهوان، إذ المقصود منه اصابة حق من الحقوق الملازمة لشخصه، سواء اكانت حقوق مالية أو غير مالية.
وتفترض فكرة العقوبة ان الايلام لا ينال من ينزل به عرضاً، ولكنه أثر مقصود لانزال العقوبة فالإيلام المقصود هو الذي يبرر معني الجزاء في العقوبة، ومن قم كان معني العقوبة منتفياً بالنسبة لإجراءات التحقيق أو المحاكمة، ولو تضمنت اجراءات قهر واجبار مثل القبض والحبس الاحتياطي إذ انها وان انطوت علي مساس بحقوق المتهم، إلا انه مساس لا يعد مقصوداً كعقوبة.
ويلاحظ انه إذا كانت العقوبة ايلام مقصود، إلا ان ذلك لا يعني مقصود لذاته، بل هو وسيلة تستهدف تحقيق اغراض تعني المجتمع، وتقوم الدراسات العقابية علي تكشف هذه الاغراض ثم تحديد الاساليب التي تتيح استغلال الايلام لتحقيق تلك الأغراض.
ثانياً : توقف انزال العقوبة علي وقوع الفعل الاجرامي
يبين لنا من تعريف العقوبة بأنها ( ايلام مقصود يوقع من أجل الجريمة )، أن هناك ارتباطاً معيناً بين العقوبة والجريمة، ويبدو هذا الارتباط في أن العقوبة لا تنزل إلا بعد ارتكاب الجريمة وكأثر لها، اي مقابل فعل يحظره القانون الجنائي، والمراد به مجازاة المجرم عما اقترفه من اعتداء علي الحقوق القانونية العامة أو الخاصة، وحماية تلك الحقوق من تهديدها في المستقبل من اعتداء جديد منه أو من غيره، فهناك إذن ارتباط سببي بين العقوبة والجريمة، فالجريمة سبب للعقوبة، والعقوبة أثر للجريمة وهذه النتيجة من نتائج مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي يحمي حقوق الأفراد وحريتهم.
ثالثاً : تناسب العقوبة مع الفعل الإجرامي
يتعين أن يكون ثمة تناسب بين العقوبة والفعل الاجرامي، وان كان معيار التناسب محلاً للاختلاف، وتنوعت ضوابطه، فهل يقاس علي اساس جسامة ماديات الجريمة، أم يستند إلي مدي الضرر الذي احدثته النتيجة بالحق او المصلحة التي يحميها القانون، أي معيار جسامة النتائج، أم يعتمد علي نصيب الإرادة الاجرامية من الخطأ، أم ان يجمع بين بعض الضوابط أو كلها وفق خطة معينة ؟
وبصفة عامة فإن تقرير التناسب بين العقوبة والجريمة يكون بمعرفة المشرع، فلا يترك أمر ذلك للقاضي، والمشرع يقرر العقوبة بالنظر إلي جسامة الجريمة لا بالنظر إلي الجاني، ولكن الشارع عند وضعه لمقدارها يضعه متراوحاً بين حد أدني حتي يتمكن القاضي من تقدير العقوبة الملائمة لخطأ الجاني فيما بين الحدين، وهو ما يعرف بالتفريد القضائي للعقوبة.